بوزبال شاد السوبيص..عفوا الطوبِّيس

 

لا أدري لماذا نحن المغاربة نعشق ونحب الزحامات؟
ازدحام في الشوارع وفي الأزقة وفي الحدائق وفي المقاهي و البارات وفي المحلات التجارية وفي الوكالات ومراكز البريد والأبناك وأمام القنصليات وفي محطات الكيران والطاكسيات والطوبيسات وفي الحمامات وفي المراحيض العمومية وفي أي مكان آخر… إلا مكان واحد هو المسجد، باستثناء شهر رمضان الذي تُكبّل فيه الشياطين بالسلاسل فيكثر فيه عُـبَّـاد الحريرة.
لا يمر يوم دون أن أحضر وأشاهد معركة عنيفة رغم أنني لا أحب ذلك. في كل مرة يبدأ الخلاف بسوق تفاهم، عفوا بسوء تفاهم بسيط تليه مشادات كلامية فينتهي غالبا بإراقة الدماء…
على سبيل المثال لا الحصر، ركبت بالأمس في الطوبيس رقم 9، كان مليئا عن آخره  كعادته دائما. أثناء صعود رجل، داس عن طريق الخطأ على قدم أحد الشبان  الواقفين بالباب… وفي رمشة عين قامت قربالة وبدأ كلا الطرفين بسب وشتم الآخر والباب لم يغلق بعد… ثم تشابكا اشتباكا عنيفا نتج عنه سقوطهما على الرصيف فتفـلّـق رأس كل منهما… ولو أن أحدهما صبر وتفهّم لما وصلا إلى كل هذا.
انطلق الطوبيس والعراك مايزال مستمرا. نظرت -مثل الجميع- من النافذة الخلفية فرأيتهما يتصارعان بعنف والناس من حولهما يتفرجون عليهما…
 في الطوبيس نفسه، لا أذكر أنني جلست على كرسيّ من كراسيه بسبب اكتظاظ الناس فيه دائما مثل السردين في العلب، ركب معنا مجموعة بل عصابة من الفتيات المنتسبات إلى جيل آخر موديل… كاسيات عاريات، لا يعرفن معنى الحشمة ولا الأدب، ولا يبدو عليهن أنهن خرجن للتّو من المدرسة لأنهن خلعن وزراتهن البيضاء وتحزّمن بها. وبمجرد صعودهن قامت القيامة في الطوبيس،  عندما جاءهن الروسوفور صرخن في وجهه وأبين أن يدفعن أثمنة التذاكر وأمطرنه بوابل من الكلام الفاحش… فلم يجد المسكين بُدّا من أن يصمت ويُكمّدها في قلبه على وعده وسعده.
نظرتُ إلى وجهه لما مرّ من أمامي فإذا هو أشدُّ احمراراً من حبة الطماطم. وما إن ابتعد عنهن حتى صرخن صرخة الإنتصار والفوز… فأحدثن ضجة في الطوبيس بلا حشمة ولا حياء… ثم انطلقن يرقصن ويردّدن أغاني هيفاء وهبي ونانسي عجرم وما جاورهما…
يا إلهي ما هذا الجيل؟  كل الأمور تسير بالعكس. الشبان الذكور متمسكنين وهادئين، فيما الشابات الآنسات مُحَيَّّحات ؟! هذه والله من علامات قيام الساعة.
لمحتُ مرفق إحداهن ملطَُخ بالدماء، حدَّقتُ فيه جيدا فتبين لي أن تلك الجروح ناتجة عن ضربات بشفرة الحلاقة… سألت مرافقي عن ذلك فأفهمني بأنها قد تكون من مستعملات حبوب القرقوبي…
لا يزال الشطح والردح متواصلا. جميع الركـّاب يردّدون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم… حسبنا الله ونعم الوكيل…
إذا تحدثن (وهن لا يكُـفـْن عن الثرثرة)، لا يتفوّهن إلا بالكلام الساقط وسبّ الدين والملة، مع العلم أنه يركب معنا من قد يكون في عمر آبائهن أو أمهاتهن أو جداتهن…
 في معرض حديثهن عن صفات وميزات أصحابهن، قالت إحداهن (وأظنها أصغرهن سِنّا) :
- "أنا الدرّي ديالي ماشي بحال هاذ بوزبال، الدرّي ديالي متايركبش في الطوبيس…".
ولا من يحرّك ساكنا. أنا (وأعوذ بالله من قولة أنا) فقدت صبري بعد أن ضقت درعا بكل ما سمعت، فقمت في الحال فأمسكتها من شعرها ورميت بها من النافذة، ثم أتبعتها بالأخريات جميعهن… في مـخـيـلـتي طـبــعـــــــا

كتبها ميلود الشلح

http://moloud-ouzenzoul.maktoobblog.com

0 تعليقات :

إرسال تعليق

Recommend on Google