النهج الخلافي الإمبريالي الإسلامي






يمكن اعتبار فترة ما بين الفتنتين مرحلة انتقالية أنتقل الحكم فيها من يد "الله" إلى يد "الإنسان" فتجلت بوضوح صورة دولة يحكم فيها الخليفة بالحق الإلهي و بعنصرية شاذة كما كان في أوربا المظلمة ، فتبينت التوجهات الاستعمارية بشكل كبير بعد إحداث جيش نظامي يتقاضى أجره مقابل الخدمة العسكرية التي يقدمها ،على عكس العهد الراشدي ، الذي كانت فيه الجيوش الإسلامية عبارة عن ثلة من "المجاهدين المتطوعين" الذين يبتغون الشهادة، فأصبح الهم الأول و الأخير توسيع أرجاء الدولة و استنشاد المجد ، هذا ما يراه الدين بمفهومه الخاص على أنه "القتال في سبيل الله" و لو أنه لا يتوافق أبدا مع مبدأ "السلم و السلام" الذي يدعو إليه الإسلام، فتُنْهَجُ سياسة التضليل الديني التي يديرها أباطرة الفقه و الإفتاء ما يحقق مصالح الأقلية المترفة دون عامة الرعية، أما الأمراء و الولاة فيتجبرون في إيالاتهم

الخلافة...الجهاد...السيف...اللواء...الغنائم البشرية...السبي...السبايا...الاستعباد...السلطان...حريم السلطان...الفتح...الجزية...ربما تتبادر إلى ذهنك العلاقة الرابطة بين هذه المفاهيم، التي تشكل في حقيقة الأمر الركائز الأساسية التي ينبني عليها ˝النهج الخلافي الإمبريالي الإسلامي˝ المتستر تحت قناع ˝الفتوحات˝و ˝حكم الله˝الذي لا يختلف في شيء مع النهج الديكتاتوري الاستعماري الأوروبي ،سوى في بعض الحيثيات الشكلية المتعلقة أساسا بالذرائع التي يتربع عليها كل طرف و الدوافع المحركة لصيرورته، جاعلا منها حجابا منيعا يخفي وراءه˝الإيديولوجية السياسية و الجيوستراتيجية  "

المبدئية المنبثقة من عقلية توسعية ظالمة و اضطهادية .فإن كان المسلمون بصبغتهم الإسلامية ينظرون إلى  الغزوات الاستعمارية على أنها فتوحات دينية مثلها مثل  ˝فتح مكة˝، الهدف منها سامي و لا دخل له في النرجسية السلطانية و هو نشر الدين تحت طائلة الدين . فالأوروبيون – على عكسهم شكليا و طبق أصلهم جوهريا- لهم موقف آخر بأقانيمه الخاصة : ˝التنمية˝،˝النهضة˝،˝الحق˝، ˝التبشير˝...و لو أنهم في بعض الأحيان يكسرون زجاجة النفاق و يعرون عن نواياهم الصادقة التي لا تناقض مطلقا مبدأ ˝إضعاف المحيط و تقوية المركز˝ و ذلك بنهب ثروات الشعوب المستهدفة و استغلال مقوماتها الطبيعية و البشرية أيضا، و النظر إليها نظرة الفلاح للبقر الحلوب ..

و يتبين لنا جليا –بعيدا عن التأثيرات العاطفية و العنصرية- حقيقة المسلمين و الأوروبيين في ما يتعلق بسياستهم التوسعية ، فكما نعلم بأن القومية تطمح لمرتبة الدولة ،فهذه الأخيرة كذلك لا تركن في بقاعها إنما تتقوى و تتمدد و تحلم لأن تصبح في يوم من الأيام إمبراطورية وتضمن بذلك الاستمرارية أكبر وقت ممكن .

فالإنجليز على سبيل المثال قد طبعوا –في أوج قوتهم- صورتهم في مختلف أراضي العالم من القارات الخمس، و على أثرها سار جيرانها من بني الصفر. و للمسلمين أنفسهم ذات التصور و ذات المنطلق و لو بخصائص دينية تلعب في ملعب التنظيم السياسي إذ تجعل القاعدة متعاطفة مع القمة نظرا لحساسية الأمر و تدخله في علاقة الإنسان بربه حيث أن مجال النقد و الطعن و الجدال أصبح منعدما ، فبعيْد وفاة الرسول ص الذي وحد المسلمين تحت راية واحدة في نطاق مستحق و محفوظ ألا و هو شبه الجزيرة العربية الذي يمثل جدع أصولهم و قوميتهم الكنعانية زيادة على ذلك الوحدة اللغوية و الجغرافية. فجاء ت المرحلة الراشدة حيث أخدوا بقانون الغاب حيث القوي يفترس الضعيف ،فتعدوا الحدود نحو بلاد فارس و الروم و لو أن في تلك الفترة أعتبر النظام الإسلامي حلا بديلا لحياة الاستبداد التي فرضها كل من كسرى و هرقل على رعيتهم ، في مقابل ˝العدل و الإنصاف˝الذي اتسم بهم حكم  كل من أبوبكر الصديق و عمر الخطاب بالدرجة الأولى و عثمان بن عفان بدرجة ثانية ،  لذلك يمكن القول و الجزم على أن الراشدة مثلت دولة الخلافة الإسلامية أحسن تمثيل و ذلك راجع إلى شهامة الحكماء و حنكتهم و حكمتهم و ورعهم ،و لكن سرعان ما اختل النظام الخلافي و تعرََّت عيوبه ، بعد الفتنة الصغرى بمقتل الخليفة الثالث و حكم علي بن أبي طالب الذي عرفت فيه الدولة الإسلامية أزمة  سياسية حقيقية  بسبب الصراع" الإسلامي – الإسلامي" بين علي و معاوية بن أبي سفيان و بعد معارك داخلية ضارية لم ترجح كفة أي طرف، تم اغتيال علي بن أبي طالب على يد "الخوارج" ،لينفرد معاوية بالسلطة بعد أن تخلى عنها الحسن بن علي ، و بالتالي الإعلان عن دولة الأمويين ،فأقدم على إلغاء مجلس الشورى و قام بالتعيين المسبق لنجله يزيد على رأس الدولة تفاديا للفتنة .. فاشتعلت الفتنة الكبرى بعد ثورة الحسين بن علي و الذي لقي حتفه ذبحا في مجزرة كربلاء التي مازال المسلمون يدفعون ثمنها إلى حدود الساعة .

و يمكن اعتبار فترة ما بين الفتنتين مرحلة انتقالية أنتقل الحكم فيها من يد "الله" إلى يد "الإنسان" فتجلت بوضوح صورة دولة يحكم فيها الخليفة بالحق الإلهي و بعنصرية شاذة كما كان في أوربا المظلمة ، فتبينت التوجهات الاستعمارية بشكل كبير بعد إحداث جيش نظامي يتقاضى أجره مقابل الخدمة العسكرية التي يقدمها ،على عكس  العهد الراشدي ، الذي  كانت فيه الجيوش الإسلامية عبارة عن ثلة من "المجاهدين المتطوعين" الذين يبتغون الشهادة، فأصبح الهم الأول و الأخير توسيع أرجاء الدولة و استنشاد  المجد ، هذا ما يراه الدين بمفهومه  الخاص على أنه   "القتال في سبيل الله" و لو أنه لا يتوافق أبدا مع مبدأ "السلم و السلام" الذي يدعو إليه الإسلام،   فتُنْهَجُ سياسة التضليل الديني التي يديرها أباطرة الفقه و الإفتاء   ما يحقق مصالح الأقلية المترفة دون عامة الرعية، أما  الأمراء و الولاة فيتجبرون في إيالاتهم و حكموا وفق أهوائهم و نهبوا المال فانعدم التوزيع العادل للثروات ، فتحيزوا نحو العرب في حين أن البربر مثلا، في شمال إفريقيا قد عانوا من تهميش كبير و لو أنهم أعلنوا  عن إسلامهم ، فاضطروا إلى الهروب نحو الجبال و الاختباء في الكهوف خوفا من بطش العسكر و سياسة الاستعباد التي نهجها الحكماء الأمويين  ، حيث يؤخذ الأطفال و النساء الأمازيغ المسلمين، كغلمان و جواري يلطفن جو القصر،و شدة الاضطهاد أدت إلى ثورات أفقدت الدولة سيطرتها في المنطقة ، و جاء الدور على العباسيين ، فلم يكونوا أحسن حالا من الأمويين ، أما العثمانيين فكانوا أشد فسقا من البيزنطيين ،فأسسوا لأنفسهم إمبراطورية تستمد قوتها من جيش نظامي،  نُظِّمَ بطريقة كلها خداع و دجل، فقد جُمع الأطفال و الأسرى الذين تم سبيهم في الحروب، وغسل دماغهم بطريقة بغيضة من طرف شيوخ دينيين ، كما ظهر نوع جديد من الجهاد سمي بالجهاد البحري و ما هو إلا صورة معدلة عن القرصنة ، فانتعشت سوق النخاسة و استقدم حريم السلطان مومسات جدد ،، عفوا ،، سبايا جدد من مختلف الأجناس فلعبت إحداهن في صدر الصدر الأعظم ، و أخرى دخل عليها الباب العالي دخول البهائم، و سجل الدفتر دار موارد مالية مهمة دعمت خزائن الدولة فيتغدى المركز دون الأرجاء .

 و ما كان هذا سوى نبذة تاريخية عن حقيقة الدولة الدينية الإسلامية ، التي لم تُفَعِّلْ بتاتا أسس الديمقراطية ، حيث أن أصابع السلطة تتحرك وفق أوامر صاحبها، و إن ارتابوا في مصالحهم كان من الإلزامي الاستعانة بالعامل الديني فيختلقون الأحكام و يفبركون الفتاوى ، و قد جعل الله الدين تنظيما لحياة الإنسان في علاقته مع ربه ، و أرادوه سياسة إلهية بنظام وضعي ألا وهو الخلافة .

فإن جادلت أحدهم فقد جادلت الله و من جادل الله فهو كافر، و من كفر فليقتل ، و إن تعاليت عن الخليفة ، فقد تعاليت عن الله و من تعالى عن الله فقد ألحد ومن ألحد فهو كافر، و من كفر فليقتل، فلا وجود للرأي بعد انعدام الرأي الآخر ، و إن ظلموك فلا تحتج و لا تضرب، ، فإن أضربت فقد أضربت عن الإسلام ، ومن يضرب عن الإسلام ، فقد ارتد و من ارتد فهو كافر، و من كفر فليقتل ، و حذار من الدفاع عن حقوق العبيد  و النساء ، فإن دافعت عنها ، فقد عاكست رجال الدين ، ومن يعاكس رجال الدين ، فربما يدعي النبوة ، ومن يدعي النبوة ، فقد كدب ثم كفر ، و من كفر فليقتل ، إياك و العقل ، فإن تمنطقت تزندقت ، و إن تزندقت فقد كفرت و من يكفر فليقتل .

فيكون الإنسان أمام خيارين اثنين:إما أن يخرج عن القطيع فتفترسه ذئاب الدين، أم يسمع ثم يطيع فيموت ميتة البعير، و بين هذا و ذاك نجد الحرية الفردية التي لا تستحضرها بتاتا الدولة الدينية.

 ولأن أمثال عمر بن الخطاب لم يولدوا بعد ، و لن يولدوا أبدا، فويل لمن يحدثنا عن الخلافة !!ويل لمن يريد الرجوع بنا للقرون الوسطى!! ويل لمن يريد أن يستعبد الناس بعد أن ولدتهم أمهاتهم أحرارا !! ويل لمن يسبي النساء و الأطفال!! ويل لمن يعتدي و يفسد في الأرض باسم الإسلام !!و بشيء من المنطق ، أ ليس من حق اليهود و النصارى أن يفتحوا بلداننا اليوم تحت لواء ديانتهم؟!! أ ليس من حقهم أن يقتلوا كما شاءوا لأننا كفار؟؟!!!!!  أ ليس من حقهم أن يستعبدونا كما كنا نفعل !!! أ ليس من حقهم أن ينشروا دينهم ؟؟؟؟!!! إن كان الجواب لا فتعترف بأننا طغاة، و إن كان نعم فتصرح بكوننا طغاة إلى جانبهم!!! وفي كلا الحالات نحن طغاة ؟؟؟

كتبه رضوان العوينا

0 تعليقات :

إرسال تعليق

Recommend on Google