أ تفضل قضاء عطلتك الصيفية ببيتك أم بمنتجع أكابولكو؟؟


بمجرد ما تنتهي السنة الدراسية و يحل فصل الصيف بسمائه الصافية و شمسه المبتهجة و نسيمه الحار، يبدأ كل واحد في التفكير ببرنامجه الإستجمامي آملا قضاء عطلة صيفية مثالية في أحسن الظروف و الأحوال ، فمن أرهقه واقعه المرير بانتمائه لطبقة اجتماعية فقيرة ، لا يتحمس أبدا للأمر فله اهتمامات أهم، لِيكون الصيف بالنسبة إليه كسائر الفصول إلا بعض الاختلاف الطفيف الذي لا يدفعه بتاتا إلى البحث عن سبيل للاستمتاع كون الهاجس المادي واقفا بالمرصاد ، و لكن رغم ذلك يُبقي دائما عن طموح خفي و مدفون لإشباع هوى النفس.أما من هو أحسن حالا منه و قدِّر له أن يكون من  الطبقة المتوسطة ،فهو من دون أدنى الشكوك لن يُفوت على نفسه -أو على أسرته- فرصة أخد استراحة صيفية ، وذلك إما بالتخييم على الشاطئ  أو خرجة إلى الغابة أو ممارسة السياحة الداخلية و غيرها من خزعبلات عالم الترفيه .و هذا كله من أجل الترويح على الوجدان الذي أثقله هم الدنيا و نمطية الحياة .فرجل التعليم مثلا، يكون في حالة لا يحسد عليها ،فأعصابه تكون مشدودة جدا بسبب التوتر المصاحب للتدريس و الضجيج الذي لا يفارقه،فيعيد  لروحه السكينة و يهدِّئ باله، ليشحن بطاريته من جديد، كذلك الحال بالنسبة للموظف المدني الذي ينسى طبيعة عمله الذي يفرض عليه تأمل الأوراق و ملاطفة الملفات بشكل متواتر كل يوم ، و لكن ورغم ذلك يشتاق نوعا ما إلى كؤوس القهوة التي ألفها بالمجان من عند المواطنين .
وهكذا فإن لكل واحد هدف وراء اصطيافه يصبو لتحقيقه.وربما ينجح و ربما لا .
أما الأغنياء و كبارهم، فالعطلة الصيفية في نظرهم ما هي إلا إجازة يقضونها في جنة عدن ، حيث يجوب البعض العالم باحثا عن المتعة بالدرجة الأولى ، فيقضي النهار بالبهاماس و الليل بلاس فيغاس ، و البعض الآخر ينعم في فنادق الستارز، ليضع بذلك قطيعة مع العالم السفلي حَالما بالحور العين و بالأنهار الجارية .
من هذا  الاستقراء البسيط  ،نخلص إلى أن قضاء العطلة الصيفية تنظمه  قواعد و ضوابط سوسيولوجية و اقتصادية ذات  خلفيات ظرفية مبنية على أساس اجتماعي واضح ، لكن هذا لا ينطبق على العامة ، فهناك فئة مجتمعية ليست بالقليلة  تأخذ الأمر على محمل نفسي و تخضعه لتحليل سيكولوجي و تفضل المكوث في البيت طيلة فترة العطلة الصيفية و غيرها من العطل الأخرى و الانغلاق على نفسها بقطع كافة العلاقات مع الوسط الخارجي لتعيش حياة بطيئة و روتينية و مبرمجة و مشبعة بالوحدانية. ويؤكد هؤلاء على   أن خيارهم هذا ،جاء بعد قناعة شخصية و  راسخة  إذ يرون أن  أهداف و مساعي  العطل عموما و أوقات الفراغ بالتحديد ، يمكن تحقيقها بغض النظر عن المكان أو الزمان فلا فرق عندهم بين البيت و أكابولكو ولا بين السجن و مونتي كارلو ; ويرجعون كل شيء إلى طريقة رؤيتهم للأمور و منظورهم التفاؤلي ، و يعتبرون البحث عن السعادة أو الراحة أو أي كان في الأرجاء من قمة الغباء ذلك أن هذه الأحاسيس تنبعث من النفس، إذن فليس هناك داع للبحث عنها ما دامت أقرب إليك من حبل الوريد. يقول حسن (22سنة-طالب جامعي) :  « أنا قضيت شهرين متتابعين في بيتي و لم أخرج إلا مرتين طيلة هذه الفترة ، و أنا أحس براحة لا مثيل لها في مضجعي ، و أحبذ ذلك الروتين الذي أعيشه كما أكره الحياة الخارجية ومتغيرات الشارع ، فكلما سأل عني صديق إلا و قمت برده بدعوى أني غير موجود بأعذار مختلفة(مسافر ، مريض..) ،كما كنت أدعو  أمي و أفراد أسرتي بمناداتي باسم مستعار لكي لا يسمع لي حسيس في الجوار،و أقضي معظم وقتي في مشاهدة التلفاز أو بتصفح النت أو المطالعة ، و أنا في الحقيقة لا أعتبر نفسي مريضا نفسيا  كما قد يعتقد البعض ، حيث أني و بمجرد ما تبدأ الدراسة ، أعود إلى طبيعتي و أتأقلم مع مجتمعي الجديد دون أدنى الصعوبات» .
و عموما ، فلا تظن أبدا أنك تقضي العطلة الصيفية إنما أوع  أن  هذه الأخيرة هي التي تقضي عليك،  إن لم تستغلها  بالشكل الإيجابي و الأمثل ، فهي في آخر المطاف وقت من الزمن إن لم تقطعه قطعك ، فاستثمره و لا تبذره ، فبه ترتقي الأمم فلا تكن كالحيوان و تنصاع لغريزتك و لا تكن كالمعتوه المقلد ، واسمع لذاتك فهي أنت ، فأنت لستَ أنا ، و أنا لستُ أنت ; ليكون السؤال المطروح : أ تفضل قضاء  عطلتك  الصيفية ببيتك أم بمنتجع أكابولكو؟؟

هناك تعليق واحد :

Recommend on Google