السحر والشعوذة آفة الملاعب الأفريقية

مع يقين المجتمع أن ممارسة أعمال السحر والشعوذة آفة خطيرة تهدد أمن المجتمع واستقرار بنيانه، وعمل يفتك بالأفراد والأسر، ويمزق أواصر المحبة وروابط الأخوة بينهم، ويتنافى مع قيم الدين الحنيف، إلا أن هناك بعض ضعاف النفوس يلجأون إلى الدجالين بعد ما أصابهم يأس في مشكلة واجهتهم آملين في حلها، وهم موقنون أن الدجل والشعوذة خديعة لا تعود بالنفع على صاحبه. في المقابل، تستمر حملات التوعية والتحذير من مؤسسات المجتمع للتصدي للسحرة لما يمارسونه من ابتزاز للضحايا، كسباً للأموال بطرق سريعة غير مشروعة، حيث تؤكد شرطة أبوظبي أنها لن تتهاون إزاء المشعوذين والدجالين «السحرة»، وأنها ستتابع أنشطتهم وتتصدى لهم بكل حزم، آملة في الوقت نفسه تعاون أفراد المجتمع في الإبلاغ عن كل من يمارس مثل تلك الأعمال التي تتنافى وقيم الدين الحنيف والسلوك القويم.
القارة السمراء تؤمن بأعمال السحر والأعمال والكثير من المواقف أدت لتوترات في الملاعب بسبب "الأعمال" والاتحاد الدولي يرفض معاقبة السحرة للحفاظ على خصوصية أفريقا.

قد يعتقد البعض أن زمن السحر قد ولى، ومجرد الحديث عن الأعمال، والمكائد السحرية، هو حديث يحمل عبق التاريخ، ولكنه ليس بتاريخ.. أفريقيا مازالت تعيش في عالم السحر والشعوذة، وهناك وقائع تشهد على ذلك..
وحقيقة فالطبيعة الفقيرة للقارة السمراء، وانخفاض مستوى التعليم، جعل الكثير من مشجعي لعبة كرة القدم يستخدمون موروثهم الثقافي في السحر والدجل، فالقبائل الأفريقية منذ قديم الأزل تضع ساحرها في محل طبيبها، فهو بالنسبة للموروث الأفريقي المعالج، والواقي والحافظ لاستقرار القبيلة.
وفي كرة القدم طبق الأفارقة السحر كثيرا، ما بين مواعظ الساحر، لحجاباته وأدعيته، وبعض الفرق اصطحبت ساحرها في البطولات المختلفة كأحد أهم أفراد الجهاز الفني معتمدين عليه لجلب قوة الأرواح وإضافتها لقوتهم.
وأطرف وقائع السحر والشعوذة في أفريقيا كانت في 2002 بين نيجيريا وكينيا حينما رفضت الأولي حضور ساحر كينيا مباراة الفريقين في تصفيات كأس العالم ‏ وفازت نيجيريا‏3 -صفر فأرجع مسئولو كينيا الهزيمة إلى عدم وجود الساحر.
وفي العام نفسه أيضا عثر مراقب مباراة مصر والسنغال في إطار منافسات كأس الأمم الأفريقية على كيس موضوع أسفل مقاعد بدلاء الفراعنة، وبفتح الكيس تبين احتوائه على عظام حيوانات وبعض أعشاب وقصاصات ورق مكتوبة بلغة غريبة لم يستدل عليها، وقيل أنه "عمل على الطريقة الأفريقية.

طرق العلاج التقليدي
ويقول أموس بفومو وهو معالج تقليدي في مابوتو عاصمة موزمبيق في تقرير نشرته الصحافة السودانية: "هناك العديد من الطرق التي يمكن بها للمعالج التقليدي تقديم المساعدة المشروعة للاعبي كرة القدم، فالأعشاب على سبيل المثال تجعل أداء اللاعب أفضل أما أرواح الأسلاف فتمنحه القوة والمؤازرة".
وفى الطقوس السحرية المعروفة "بالكيوسينيسا" يقوم بفومو بتقديم العلاج للاعب كرة القدم في صورة مزيج يجمع مابين الوصفات الطبية الشعبية والجلسات الروحانية فيما يشرح الأمر بقوله: "أقوم بشك ونخس جسم اللاعب في عدد من النقاط الرئيسية وخاصة في الساقين وذلك بالطرف المدبب لريشة طائر ثم أقوم بتدليك أماكن الوخزات بمسحوق أعشاب وفى خضم هذه العملية لا يكتسب اللاعب القوة البدنية فقط وإنما تنتقل له أيضا قوة أرواح الأسلاف".
ويضيف اموس بفومو: "الأرواح ترشد اللاعب وتجعله يبذل قصارى جهده في الملعب.. إنها لا تمنحه قدرات لا يتمتع بها أصلا لكنها تحفزه لاستخدام مهاراته على أكمل وجه وتباركه بنفحات من الحظ الجيد، إن الأسلاف يغمرها السرور عندما يطلب منها شيء على النحو الصحيح وبالأسلوب اللائق وتقدم المكافأة في صورة إرشاد والهام للاعبين أثناء المباريات".
ومن الأحداث الطريفة أيضا أعمال العنف والشغب التي اندلعت في مباراة رواندا ونيجيريا‏، بسبب قيام احد المتفرجين بالنزول لأرض الملعب وسرقة قفاز حارس مرمي المنتخب الراوندي والذي كان موضوعا داخل المرمي.
وتشابك معه اللاعبون الراونديون داخل الملعب وسرعان ما انضم إليهم رجال الشرطة وأدى ذلك لإسالة دماء الكثيرين في المدرجات وخارج الاستاد في تصفيات كاس الأمم الأفريقية تونس 2004، غير أن رجال الشرطة استطاعوا السيطرة علي الأمور واستكملت المباراة بعد نصف ساعة دون وجود القفاز السحري.
الأطرف كان في لقاء العودة عندما ملأت الجماهير النيجيرية الملعب بالمباخر لإبطال السحر الذي أجراه الروانديون مستخدمين القفاز.

قوى الأرواح
ويقول عن ذلك بونغانىمونغوميزيلو المدير الفني لفريق الكرة القدم بنادي "بلاك مامباس" الذي يقع مقره على مشارف مدينة دوربان بجنوب إفريقيا فيقول:"العديد من مدربي الكرة لديهم مشاعر مختلطة بشأن أرواح الأسلاف..لكن تبقى الحقيقة إننا نستعين هنا بالمعالجين الروحانيين والتقليديين لمنح المزيد من القوة النفسية والعزيمة للاعبينا..فلاعب الكرة إذا اعتقد أن أرواح الأسلاف تؤازره يتحول في الملعب لما يمكن وصفه باللاعب الملهم.
وفي تقرير نشرته مجلة سيدتي حول السحر في أفريقيا قالت فيه الكاتبة سعاد العبيد: السحرة فريقان، الأول يعتمد على استحضار الأرواح والتحدث مع الموتى والفريق الثاني يشتغل افراده بالمعالجة الطبيعية ، يجمعون مواد سحرهم من الطبيعة ويمزجونها مع بعض، ويمكن استعمالها إما عن طريق الشرب أو تعليقها كحجاب أو برشها مكان تطأ فيه أرجل الخصم. وفي أغلب الأحيان لا يبوح السحرة بأسرار مهنتهم خوفا من السرقة الفكرية وحتى تظل هيبتهم لغزا غامضا أمام الجميع وهنا يحكي الساحر الكاميروني مبينكين، أنه قصده مدرب فريق كرة قدم طامعا بمساعدته بفوز فريقه، فما كان منه إلا أن جهز لهم وصفة سحرية تم رشها في الطريق المؤدية  إلى الملعب، وحرم على أعضاء الفريق أن يتخطى واحد منهم أو يقرب الطريق، وأمام ذلك أمر مدرب الفريق  لاعبيه بالالتزام بتعاليم الساحر والذهاب إلى الملعب بالحافلة والدخول من الأبواب الخلفية إلى أماكن تغيير ملابسهم، وفعلا فاز هذا الفريق بإصابتين مقابل لا شيء. 
وفي قصة أخرى يحكى أن حارس مرمى قام بدفن عظام مسحورة تحت العشب، لكن الأمر انكشف فعوقب بالطرد من الاتحاد الافريقي للكرة، فالسحر لا يصيب أحيانا هدفه ورغم ذلك قال الساحر الكاميروني مستدركا: "مرات تتغلب قوى خارقة على مفعول الوصفة لأنها تزاحم بأفعالها الشريرة  قوانا في الملعب".
يذكر أن الإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا اعترف، أنه لا يمكن أن يعاقب من يمارس عمل الطلاسم السحرية وتعويذات الشعوذة أو من استعملها، لان ذلك داخل في النسيج الثقافي لهذه القارة ومعتقداتها، لكنه يستطيع أن يمنع أي فريق من اصطحاب ساحر أو مشعوذ داخل الملعب.
الهند تهزم البرازيل بنتيجة قياسية:
تتردد هذه الشائعة كثيراً بين الرياضيين ولا أحد يعرف صدقها من كذبها حتى اضحت اشبه بمثلث برمودا أو الاطباق الطائرة ، هناك من يصدقها ومن ينكرها .. وتقول الشائعة ان المنتخب البرازيلي خاض لقاء امام الهند خسر فيه اللقاء بنتيجة كبيرة للغاية ، وان الحارس البرازيلي عجز عن مشاهدة الكرة الحقيقية مما جعل شباكه تهتز باهداف قياسية فيما تلاشت مهارات البرازيليين في وسط الملعب ( وقيدت ) أقدامهم ويقال بأن الهند طردت من البطولات الدولية جراء ذلك مما تسبب في تدهور كرتها .. وليس هناك مصدر رسمي يؤيد ذلك مما يجعله أقرب للشائعة وان كان هناك أمر لا أحد يملك تفسيراً له وهو لماذا اختفت الهند عن الساحة الكروية لسنوات طويلة ..؟! ساحر البيرو .. يعادل ساحر الكاميرون:
خلال منافسات كأس العالم 1982م وقعت البيرو في مجموعة واحدة مع الكاميرون وايطاليا وبولندا وقبل لقاء الكاميرون وبيرو ادعى مشعوذ كل من المنتخبين ان منتخب بلاده سيهزم منافسه بهدف دون مقابل بعد ان قام بطقوس متشابهة من اراقة دم ديك على صور لاعبي المنتخب المنافس .. والطريف ان الفوز لم يكن من نصيب الكاميرون أو البيرو بل كان التعادل سيد الموقف والاكثر غرابة ان يكون التعادل بهدف لمثله .
سحرة ساحل العاج يشتكون الوزير:
اقام بعض السحرة المرافقين للمنتخب العاجي دعوى قضائية ضد أحد الوزراء يدعون فيها أنه وعدهم بمكافأت كبيرة إذا ما تمكن منتخب ساحل العاج من الفوز بكأس افريقيا لأول مرة في تاريخه ، وتحقق ذلك بعد ماراثون من ركلات الترجيح مشهور امتد لـ 21 ركلة حسمت في النهاية لمصلحة ساحل العاج واخل الوزير بوعده للسحرة مما جعلهم بتجهون للقضاء للمطالبة بحقوقهم . القبض على أشهر لاعب افريقي:
اشتهر الحارس الكاميروني توماس نكونو افضل حراس افريقيا ونجم كأس العالم 1982م بإيمانه بالسحر ، وخلال الدور نصف النهائي لكأس افريقيا 2002م أمام مالي قام نكونو وهو اداري مرافق لمنتخب بلاده ببعض الحركات التي استفزت الماليين الذين لهم باع طويل في هذا المجال مما جعل الشرطة المالية تقوم بالقبض عليه وتقييده أمام وسائل الإعلام ونشب خلاف سياسي كبير بين الدولتين قبل ان يحل الموضوع بإطلاق سراحه . مشعوذ ( يربط ) الاقدام ويترك الرؤوس:
اوهم مشعوذ مالي أحد فرق العاصمة باماكو بأنه قد قيد لاعبي الفريق المنافس وقال لهم بأن الفوز من نصيبهم ، لكن الفريق خسر اللقاء ( 1/صفر ) فبرر هذا المشعوذ الخسارة بأنه لا يفهم في الكرة وكان يعتقد أن الاهداف لا تسجل سوى بالقدم فقام بتقييدها ، لكن الخصم سجل الهدف برأسه . سوغارا يستعين بالمطر:
ادعى فريق سوغاراالتوغولي ان الفريق سيهزم منافسه فوادان اذا سقط المطر قبل المباراة ، وهذا ما حدث في ذلك اللقاء عام 1986م وفاز الفريق ، لكن المطر لم ينفعه في اللقاءات القوية الأخرى . ولجأ لطريقة جديدة مع فريق مصري حينما دفع بخنزير تجاه لاعبي المنافس وادعى أن ذلك سبب فوزه باللقاء ( 2/صفر ) لكنه خسر البطولة بعد ذلك . اوروغواي تهزم سحرة البرازيل امام 200 ألف متفرج:
يؤمن البرازيليون بالسحر ولهم تقاليد متعددة يمارسونها في بلادهم ، ومن ذلك ما كان في بطولة كأس العالم 1950م ، حينما أوهمهم السحرة بأن الكأس باتت محسومة ليحتفي الجمهور بها قبل النهائي بيوم كامل ويذهبون لمشاهدة الكأس وهي تزف رسمياً لهم .. لكن الدولة الصغيرة " اوروغواي " هزمت البرازيل وسحرتها في الماراكانا الممتلئ بأكثر من 200 ألف متفرج . البذلة النبية .. سر انتصار السامبا بكأس العالم:
خلال نهائيات كأس العالم 1962م بتشيلي شاهد الجميع رئيس الوفد البرازيلي بنفس الزي الذي شوهد به مع المنتخب قبل أربع سنوات بالسويد ، والغريب أن هناك مقولة ترددت حول ذلك واتضح أن رئيس الوفد لبس نفس البذلة وربطة العنق ذاتها والحذاء نفسه
قائد الطائرة البرازيلي سر الانتصار:
حرص المنتخب البرازيلي طوال سنوات بلغت اكثر من ثلاثين عاماً على أن يقود الطائرة التي تقل المنتخب البرازيلي القائد نفسه الذي قاد الطائرة عام 1958 وحققت البرازيل آنذاك أول بطولة كأس عالم لها . وصفات سحرية للفوز:
تختلف وصفات الفوز السحرية من بلد لآخر .. ففيما يلجأ سحرة غرب افريقيا إلى جعل اللاعبين يشربون حليب لبوة أو الطواف ليلاً بمقبرة أو ركوب حمار بشكل معكوس .. يلجأ سحرة وسط وجنوب افريقيا لمزج دماء واحشاء ضباع وفيلة وفرس نهر ولبوة ، كما فعل الملك مساواتي لفوز منتخب بلاده على الكاميرون وفشل مزيجه فهزم منتخب بلاده بالخمسة . الكوتي وصفة غنية خاصة:
ينتشر في غانا حرز يسمى ( الكوتي ) يستخدم فيه خيوط وقراءة نصوص لإنهاك الخصم وشل قدرات لاعبيه .. فيما تقوم مقاطعات أخرى بدفن خروف حي في حفرة مع وصفة سحرية أخرى تجعل المنافس بعيداً عن مستواه ، وتقوي الفريق المستخدم لها بحسب زعمهم . رش الماء لإبطال السحر:
يقوم المنافسون بعمل مضاد للاحراز السحرية وذلك برش الماء على اللاعبين أو مرمى الفريق وكذلك وضع حبات كبيرة من الملح في زوايا غرف اللاعبين وأمام اقدامهم
أن فضول الإنسان يدفعه إلى البحث عن الأشياء المرتبطة بهذه الغيبيات مثل: تفسير الأحلام، وقراءة الأبراج، واللجوء إلى قارئي الكف، والمشعوذين، وما يتعلق بالبحث عن إجابات أو محاولة تفسير أشياء غير محسوسة أو ملموسة، في المقابل هناك أشخاص يعلمون بحاجة الإنسان لمعرفة هذه الأمور الغيبية، فيستغل المشعوذون والمنجمون اندفاعهم، ورغبتهم في إماطة اللثام عن الكثير من مثل هذه الأشياء غير المحسوسة، أو السعي إلى الثراء السريع بأسهل الطرق.




الاستاذ نعمان عبد الغني
عضو المجلس الدولي للتربية البدنية والرياضية والترويح
عضو الاكاديمية الدولية لتكنولوجيا الرياضة بالسويد
عضو الاتحاد السعودي للتربية البدنية
عضو الاكاديمية العراقية للرياضة



0 تعليقات :

إرسال تعليق

Recommend on Google