نظرية الرهان المتطورة

إن وجود الله من عدمه،شكَّل نقطة تمفصل بين توجهين إثنين  التوجه الإلحادي و التوجه العقدي ، وفي هذا الطرح سأحاول و ببساطة النظر في هذه الثنائية المتنافرة قصد استخلاص الحق بعيدا عن أية نرجسية دينية ، بمعنى آخر سأتطرق للموضوع بحيادية متناهية مستعينا في ذلك بالبراهين و العلاقات المنطقية فقط ، لأنه وكما نعلم فإن مجمل المناظرات الجامعة بين الملاحدة و المؤمنين ‘ غالبا ما تتسم بالعقم و الركاكة ، وهذا راجع أساسا لمناهج الحوار المعتمدة و إلى طبيعة الأدلة الممررة ، ذات المرجعية الأحادية و الإيديولوجية ، ما يزيد الهوة بين الطرفين خصوصا و أن نقط التوافق بينهم تكاد تنعدم ،و للفصل في هذا الجدل سيكون من الإلزامي علينا العودة للبداهة و في البداهة نجد العقل ، وفي العقل يتم التعقل و في التعقل منطق و لأن المنطق قانون فإن تفعيله أساسي لتحقيق النظام الذي  سيوصلنا بكل تأكيد للحقيقة.

لقد مثل باسكال ،باعتباره رجل احتمالات الشخص في خياره بين الإلحاد و الإيمان ، بالمقامر الذي يتوق للربح و يبغض الخسارة وفي كل ذلك ولد لنا نظرية الرهان و أنقلها لكم حرفيا:
ـ لا أحد يستطيع أن يؤكد قبل بدء السباق من سيكون الحصان الفائز.

ـ كل شخص يراهن على حصان معين بحسب رؤيته، وبحسب قانون الاحتمالات:

أ ـ فيقول واحد يحتمل أن الحصان الأسود يكسب السباق فيراهن عليه.
ب ـ وآخر يقول لا بل ربما الحصان الأحمر يكسب ويراهن عليه.
ج ـ ويقول ثالث أنا أراهن على الحصان الأبيض ... وهكذا.
3ـ ولا يتأكد أحد من هو الحصان الفائز إلا في نهاية السباق.
4ـ وبناء على النتيجة يخسر من يخسر ويكسب من يكسب.
من هنا استخدم باسكال نظرية "الرهان" على وجود الله. فوجه المقارنة بين وجود الله وسباق الخيول قريب، كما سنرى:
1ـ كما أنه لا أحد يستطيع أن يؤكد قبل بدء السباق من سيكون الحصان الفائز، هكذا افترض باسكال في "نظرية الرهان" أن لا أحد يستطيع أن يؤكد وجود الله قبل بدء الأبدية.
2ـ وكما أن كل شخص يراهن على حصان معين بحسب رؤيته، هكذا قال باسكال في "نظرية الرهان" أن كلا من المؤمن والملحد يراهن على وجود الله من عدمه.
3ـ وكما أن لا أحد يتأكد من هو الحصان الفائز إلا في نهاية السباق، هكذا افترض باسكال في نظرية "الرهان" أنه لا يتأكد أحد من حقيقة وجود الله إلا في نهاية العمر أي بعد الموت.
4ـ وكما أنه بناء على النتيجة يخسر من يخسر ويكسب من يكسب، هكذا بناء على اكتشاف الإنسان بعد الموت إن كان الله موجودا أم لا، تكون الخسارة أو المكسب.
5ـ وهنا قارن باسكال بين خسارة الملحد وخسارة المؤمن، فقال:
6ـ لو كسب الملحد الرهان وصدق تخمينه بأنه لا توجد حياة بعد الموت، وبالتالي لا يوجد الله، فلم يقم أحد بعد الموت ، فلا يكون المؤمن قد خسر شيئا ولكنه يكون قد كسب في مقابلها في الأرض أيضا الشرف والفضيلة والأمانة والاحترام.
7ـ ولكن إذا كسب المؤمن الرهان وصدق قوله بأن الله موجود فعلا وهناك أبدية وحياة بعد الموت، فيكون الملحد قد خسر كل شيء في الأبدية، في مقابل ما ربحه من أمور دنيوية وقتية .
8ـ وخلص إلى حقيقة هامة في مناقشته مع الملحد قائلا له: لماذا يا أخي لا تختار الجانب الآمن "The safe side" حتى لا تخسر الأبدية، وتكون خسارتك فادحة لاتعوض؟؟!! لأنه "ماذا ينتفع الإنسان لوربح العالم كله وخسر نفسه" (مت16: 26) ؟؟



إن تحليلية باسكال يشوبها نوع من النقص الذي استغله الملاحدة للنقد ثم النقض، و رأى بعضهم أن احتمالية وجود الله تطرح إشكال وجوده كإله معذب أو إله غير معذب و في ذلك حالتان لكل احتمال(إمكانية البعث أو عدم البعث) ، وكذا حضور عامل الدين و طبيعته كمؤثر في التوجهات الإلهية ،و لأن الأديان متعددة بشكل متباين، فأن الإحتماليات الثنائية التي وضعها باسكال ليست كذلك في الصميم، بل هي مليونية يستحيل تحليلها.
هذا الجدول الوصفي يرسمها لنا بشكل واضح لنفهم أكثر المزاعم الإلحادية المسقطة لنظرية الرهان:



قد يتبين جليا أن الاحتمالات أصبحت كبيرة جدا تستحيل معايرتها ،و لكن الطريقة التي صورت بها من طرف الملحدين، تنم عن فهم خاطئ للأساس الذي نناقش فيه، كوننا ، نتحدث عن الطرفين( المؤمن و الملحد) و ليس بين (الدينيين و الملاحدة) أو( الدينيين و اللادينيين) بمعنى أخر فعامل حضور الدين كموجه للإله أصبح منعدما و فق العلاقات  الاستلزامية  المنطقية التالية:
-لغويا : الإيمان لا يعني في شيء  الدين.
-إدا كنت ديني فأنت مؤمن.
-إدا كنت مؤمن فهذا لا يعني بالضرورة أنك ديني.
مثال
-راماكريشنا أحد الحكماء الهنود كان بوذيا ثم مسيحيا ثم مسلما و في أخر المطاف أصبح لا دينيا و لكنه حافظ على إيمانه، لأنه استنتج ان الأديان توصل لحقيقة واحدة و هي وجود الله .
- نجد مثلا أن الصوفيين سواء المسلمون أو البوذ أو الروحانيون مؤمنون بالله و لكن غالبيتهم لا تنتمي إلى أي دين بمعنى أنهم لا يطبقون شعائر دينهم الأصل الدي دفعهم للتصوف .

نحن الان في قصور الإحتمالات على مجال البضع و هاهي بالتفصيل:

الإحتمال الأول الرئيسي
و جود الله   : 2 حالات:  *إله معذب.
                             *إله غير معذب.
الإحتمالين الفرعيين:* وجود حياة بعد الموت.
                          * عدم وجود حياة بعد الموت.
الإحتمال الثاني الرئيسي
*عدم وجود الله ما يعني عدم وجود حياة بعد الموت.

هناك مجموعة من الملاحظات التي يجب التطرق إليها قبل البدء في عملية التحليل المنطقي
ملحوظة 1
في تحليلي التالي لن أناقش على أني مسلم بل على أني مؤمن بوجود الله فقط لوحده كم يومن به الروحانيون .
ملاحظة 2
أنا أتفق مع بعض الملحدين على كونهم لادنيين لأن الأديان في عصرنا أصبحت مشوهة  ، و عدم قبوله بالإسلام او المسيحية كأديان يبقى مقبولا بالنظر لدوافعهم،و الله منطقيا لن يعذب الملحد  لأنه لاديني و لكن قد يعذبه لأنه ملحد ...فالأصل أن الإيمان اعتقاد و ليس بحاجة لبرهان أو مناقشة ..
ملاحظة 3
لا يمكنك أن ننبث وجود الله من عدمه حاليا ،،، ولكن المرَجَّح أن من المنطقي لما لم تجد تفسيرا لحقيقة الوجود فاحتمالية الصدفة و وحدة المادة ضعيف جدا  ،، ما يزيد احتمالية وجود خالق لا مادي ( لا أدعوكم لأن تقبلوا معي هذه الملاحظة يعني أنها ليست مسلمة )
ملاحظة 4
إذا كان الإسلام {أو أي دين أخر} دينا مشوها فهذا لا يعني أن احتمالية وجود الله منعدمة،، فالإسلام إن كان ممسوخا فإن كان الله موجود فهو براء منه .
ملحوظة 5
إقبلوا معي هذه المسلمة
إذا كان الله موجود فهو بكل تأكيد عادل..
ملاحظة 6
في حالتنا هذه- أي الحالة البدئية -
-وجود الله 50 بالمئة.
-عدم وجود الله 50 بالمئة.
أرجو أن تستوعبوا جيدا الملاحظات السابقة ،، و أتمنى في مايلي أن تكونوا رياضيين ،، المعايير التي سأستعملها في عملية التحليل الاحتمالي سأبتعد فيها عن النسب المئوية ،،
سأقتصر على المعايير التالية:
*خسارة فادحة .
*خسارة
*ربح
*ربح عظيم.

معايير الحكم سنركز فيها على فداحة أو عظامة الخسارة و الربح.

المناقشة:


http://www.shy22.com/upfilbmp/chz66185.bmp 


تركيب عام:
إن المنطق قد أجزم بقوة على أن المؤمن هو من يقبع بالضفة الأمنة بفرق 7 درجات {سبح مرات ربح } فمما سبق نخلص إلى أن : 
-المؤمن سينجح في اختياره بنسبة 70 بالمئة.
 -الملحد سينجح في اختياره بنسبة 30 بالمئة. 
هذه إذن هي نظرية باسكال الجديدة ،عملت على تطوير النظرية البدئية و على ترقيعها لأصل الى نتيجة تفيد فأن المؤمن هو الرابح الأكبر و الملحد هو الخاسر الأكبر ،، و للملاحدة واسع النظر كما أن لهم الحق في التعقيب و لكن في حدود المنطق دون اغتصاب للمسلمات.....



رضوان العوينا 

هناك تعليقان (2) :

  1. صديقي العزيز ..
    تابعت موضوعكم في منتدى الحاد وقراته جيدا
    ولنا رد مفصل هناك الخصه لك هنا بالتي :
    يا صديقي نظريتك ..اقصد رهان باسكال "مسكين باسكال لطشوا حتى منه " ...هي خــــــــــطا
    لاحظ ....ان كل الرهان هذا قائم على فرضية ...حياة تاتي بعد موت
    المؤمن يفترض ذلك ......فهو بين حق وبين خطا
    والملحد (وليس اللاادري او اللاديني مثلا ) هو من لا ينفي ولا يتفق معك ..
    الملحد هو يطالب بدليل على ذلك لا اكثر
    وما على المؤمن الا التفضل بتقديم الدليل على فرضيته تلك ..
    وهنا المقتل الاول ..لتلك الفرضيه "التي صرت تسميها نظريه " الان ...

    المقتل الثاني والاهم ...هو انها :
    يمكن تطبيقها على كل فرض ...نعم اي فرض ولو كان تافها ...وبكل شيئ

    يعني يمكنك ان تطبقه على اي فرض تفترضه انت ....ويخالفك به اخرين ......
    يعني مثلا بافتراض الملحد لوجودية ابريق شاي اخضر بعد موت ...وهنا تنطبق نفس الخطوات حرفيا.....

    فتامل

    http://www.el7ad.com/smf/index.php?topic=144263.msg1179836#msg1179836
    http://elrewaeyelmasre.blogspot.com/2009/06/blog-post.html

    ارجوا ان يكون قد وصلك ما قاله باسكال نفسه عن علة رهانه وما وقف منه من نقد مونتانى نفسه...
    وتتامل فيه باي باي

    مع التقدير ...
    ****************
    للإنضمام لصفحة " تخاريف الشيوخ" :
    https://www.facebook.com/takarifsheihk

    http://www.nouben.com/ilhad/showthread.php?1677-%DF%D4%DD-%C7%E1%DD%C8%D1%DF%C7%CA-%DD%ED-%DD%ED%E1%E3-%E3%DA%CC%D2%C9-%C7%E1%DF%DA%C8%C9-%E6-%D3%D1-%C7%E1%E4%D3%C8%C9-%C7%E1%D0%E5%C8%ED%C9&p=3965&posted=1#post3965

    ردحذف
  2. صديقي الغالي ..
    وهنا رد اخر على نفس رهان باسكال ..اقصد نظريتكم انتم ...
    نرجوا قراته والتعرف على بعض الراي الاخر :
    http://www.il7ad.com/smf/index.php?topic=144263.msg1179836#msg1179836

    خالص مودتي وتقديري ..

    ردحذف

Recommend on Google