ها أنا أما ذاك الكشك الذي ألفني و ألفته ، مرت سنوات مند أن عرفني و عرفته ، لا طالما أعطاني شعلة أمل تضيء تارة ثم تنطفئ برياح اليأس و الملل ، فرغم بشاعة الخيانة و مرارة الهيم ، ما يزال هذا الكشك صديقي الحميم ،بحوزتي قطعة نقدية من فئة عشر دراهم ، نظرت إليها نظرة أخيرة ، ثم سرت بخطى مثقلة نحو رحم الحلم، رمقت زملائي المراهنين أغلبهم من المسنين و فاقدي الهوية الاجتماعية ، تلحظهم شاردين و يائسين ، ملامحهم ترسم التعاسة بريشة الأسى ، أبصارهم منغمسة في تلك الشاشة الرقمية التي تعكس الأرقام الرابحة أو المربوحة ، يسمونها "الكرونو" اسم على مسمى ربما لأنه يمثل كرونو لحياة المقامر، عداد يسري نحو رباعية الصفر.
و عموما فقد استحوذت عليهم تلك الفكرة، تلك الغاية التي تبرر الوسيلة، تلك الجرأة التي تطارد المجد، تلك العاهرة التي تهبك "شيئا "ثم تفهم أنه "لاشيء".
أنا بدوري ، قررت أن أجرب حظي مع الكرونو بعد ان أثبت أنه عاثر مع "الطوطو" و "اللوطو"
كم تمنيت لو يبحث الشؤم عن شريك غيري في لحظتي هذه.
فكانت الطامة الكبرى، لما تذكرت أني جنب فأقنعت خاطري مناجيا إياه" تبت وساوس الشيطان و تب "
اخترت أرقامي بعفوية متناهية ثم صودق عليها نقدا ، لأحصل على" الشيك" –عفوا- على الوصل ، و بقيت في أهبة الانتظار حتى ظهرت السلسلة الرابحة التي لا ترتبط مع سلسلتي المراهن عليها إلا بروابط الخير و العدل و الإحسان و الشيخ اللي مات .
غادرت المقبرة دون تحسر على ما ضاع في هذا الآن، إنما تحسرت على ما ضاع مني في كل الأوان .
صوب الخلاء اتجهت رميت بالشيك المنسوخ على بياض فأشربته البول و النجاسة و الرجس ألإبليسي ، فقط ليفهم القدر أن الذل الذي أركبني إياه ،سيركبه هو الأخر ، أما نصيبي من اليانصيب فهو نصيب القدر مني.
0 تعليقات :
إرسال تعليق